ما الذي يُحرَّك أسعار الذهب؟

ظل الإنسان منذ بدءً من الحضارات القديمة ووصولًا إلى عصور الحداثة والنهضة، يعتمد على الذهب في صناعة الزينة والحُلي، وفي الكثير من الاستخدامات الصِناعيَّة، وأيضًا كان يعتمد عليه كمخزن للقيمة. فتاريخ هذا المعدن النفيس يقول إنه الوجهة التي يقصِدها المتداولون في فترات عدم الاستقرار والاضطرابات السياسيَّة، وحتى في الأوقات التي تتعافى فيها الأسواق.

وما يجعله يلاقي إقبالًا كبيرًا في شتى أرجاء العالم هو أن التقلبات في سعره تُحددها عوامل عالميَّة كثيرة من بينها التضخُم، والعرض والطلب، وكذلك معنويات المتداولين والتي تجعل سعر الذهب مُقابل الدولار أمريكي يتغير باستمرار.

العوامل المؤثِرة في سعر الذهب

يتأثر سعر الذهب - من عدة جوانب - بنفس العوامل التي تتأثر بها السلع الأخرى . ومع ذلك، فإن شعبيته الكبيرة كمخزن للقيمة تجعل منه فرصة كبيرة الربح والخسار.

العوامل الرئيسية التي تؤثر على سعر الذهب هي:

  • التضخم - عندما تواجه العملة نسبة تضخُم أكبر من الطبيعي، قد يلجأ المتداولون إلى تخزين قيمة هذه العُملة في الذهب؛ لأنه مستقر نسبيًا، ويحتفظ بقيمته بشكل جيد على مر التاريخ.
  • العرض - كباقي السلع الأخرى، تعمل زيادة نسبة المعروض من الذهب على خفض سعره فتتشبع الأسواق وتُصبح زيادة سعره أمرًا صعبًا. كما أن ما يُكتشف من ذهب جديد يعمل على زيادة نسبة المعروض من الذهب إن كان هُناك قصور.
    على عكس بعض السلع الاستهلاكية مثل النفط والذرة، يظل الذهب قابلاً للتداول حتى بعد استخدامه. فإذا ارتفع السعر، فمن الأفضل أن يقوم عمال المناجم بالتنقيب عن الذهب الجديد، أما إذا انخفض السعر، فقد لا يتم التنقيب بنفس القدر مما يؤدي إلى انخفاض المعروض في السوق.
  • الطلب- يمكن أن يتأثر الطلب على الذهب بزيادة أو نقص الطلب على المعدن في أغراض الزينة وصناعة الحلي والاستخدامات الصناعية والتداول، فإن زاد الطلب أكثر من العرض، يرتفع السعر.وعلى الجانب الآخر، إذا كان الطلب منخفض وكان السوق متشبعًا، فقد ينخفض السعر لجذب المشترين أو قد يرتفع اعتمادًا على طلب المشتري.
  • الدولار الأمريكي- يتم تسعير الذهب بالدولار الأمريكي مما يجعل العملة الأمريكية لاعبًا أساسيًا في مدى جاذبية السلعة للمستثمرين الأجانب. إذا تداول شخص ما على اليورو والجنيه الإسترليني، أو أي عملة أخرى فقد يؤدي هذا إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي مما يجعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين، فيكون حينها للدولار القوي تأثير سلبيًا.
  • الأحداث الجيوسياسية- كمعدن عالمي، يمكن للأحداث الجيوسياسية أن يكون لها تأثير على المعروض من هذا المعدن الثمين، فالأحداث أيضًا لها تأثير على أسعار العملات، وتغيير القيمة النسبية للذهب وربما تتسبب في ابتعاد أعداد كبيرة من المتداولين عن هذه السلعة أو اللجوء إليها.

ِ

الذهب كعامل استقرار للعملة

تستخدم البنوك المركزية في مختلف دول العالم الذهب في تحقيق الاستقرار لعملاتها حيثُ يُنظر إلى امتلاك مخزون كبير في نظام البنك المركزي للبلد على أنه أداة لدعم أموالها بسلعة قوية،

وعندما تنخفض قيمة العُملة تسمح الحكومة لبنكها المركزي بشراء كميات كبيرة من الذهب. في بعض الأحيان تؤثر هذه الصفقات بدرجة كبيرة على سوق الذهب؛ لأن المتداولين يُدركون أن شراء كميات كبيرة أو تحويلها ينتهي بخروجها من السوق التداول المفتوح مما يؤدي إلى تحوَّل في الأسعار.

عندما تقوم البنوك المركزية بتنفيذ هذا بشكل صحيح، فهي توفر حلًا سريعًا لانخفاض العملة من خلال غرس الثقة في عملتها من جديد.

الذهب كسلعة تنافُسيَّة

كما رأينا، فالذهب لا يتحرَّك بُناءً على الطلب من أجل الاستهلاك مثل أسواق النفط أوالقهوة. ولكن يتأثر العرض والطلب في الذهب بالمتداولين، ومَن يشترون المجوهرات، وأيضًا بالحكومات.

من المُهم جدًا عند تداول هذه السلعة إلقاء نظرة على كافة جوانب السوق، والنظر بعين الاعتبار إلى الأحداث العالميَّة المختلفة التي قد تُحرك الأسعار صعودًا وهبوطًا .

 

 
 
chat